رسالة إلكترونية ذات مضمون هام حول الإنسان في غزة

Amjad isstaif at gmail.com
Mon Dec 29 19:04:00 GMT 2008


 أيها القارئ
إن هذه الرسالة التي تتابع عيناك قراءتها، بينما تدور مروحة حاسوبك ذات الأزيز
المزعج في صمت الزمن، ليست رسالة عادية. واللحظة التي تقرأ فيها هي ليست
بالعادية أيضاً.
إنها تطلب قراءة غير عادية منك، لأن المضمون ستجده، ربما غريباً وغير مألوف
انشر المقالة أدناه، إن اقتنعت بها، وإن قمت، فحاول أن تبقي الرسالة خالية من
عناوين البريد الإلكتروني، حتى لا تستثمر تلك العناوين بأي صورة غير متوقعة
اعلم أن الإنترنت هي أداة فعالة في التواصل بين الكائنات البشرية في عصرنا، فلا
تفوت الفرصة ولا تجعل أحد سلاسل تزايد عدد القراء تتوقف عندك.

انقل، فرب سامع أوعى من ناقل

---------------------------------

*ما العمل بعدما حصل في غزة؟*

ا. ت. ا.

كُثُر هم من طرحوا هذا السؤال. ولعل كل متتبع لمحاولات الإجابة، وجد أن جميع
الإجابات كانت تتعلق بكل شيء إلا* بالذات*: فهي تطلب منا أن "ندعو"، وأن
"نناشد"، وأن "نطالب"، وأن "نستنكر"، وأن "نبيِّن"، وأن "نحتج"، وأن "نضغط"،
ولكن ما من شيء حقيقي نقوم به بأنفسنا كأفراد.  أوليس من حقنا أن نعلم ما الذي
يجب أن نفعله بحق؟

إن ما حدث في غزة ليس مجرد قتل. إنه ليس مجرد حصار وليس مجرد حرب طاحنة من حروب
البشرية الهمجية. إنها محاولة لإبادة ذلك الإنسان القابع في غزة، ذلك الإنسان *
الفريد*، ذلك الإنسان الذي يختلف *كثيراً* عن إنسان القرن الحادي والعشرين
الغارق في اللذة والرغبة وحب الاستهلاك –أو الذي يحلم بهذا: إنه إنسان
*يدرك*معنى وجوده الحقيقي، ولا
*يتجاهل* وجود خالق الكون أبداً، في أي مظهر من مظاهر حياته، بل إن كسب رضا
الخالق عز وجل هو *محور* حياته الحقيقي، فذلك الإنسان يقاتل من أجل يكون حراً
من كل شيء، و*لا يرضى* أن يخضع بأي شكل من الأشكال، مهما كان نوع وشكل ذلك
الخضوع، إلا لله. وهو من أجل ذلك، *مستعد* لمواجهة الجاهلية المعاصرة، المتمثلة
بالنظام الصهيوني، والنظام الأميركي، ومن ورائهما وتحتهما *جميع* الأنظمة
والقوى المادية التي تسيطر على كل بقعة من سطح الكرة الأرضية، بكل ما لهذه
الجاهليات من قوة وجبروت وطغيان.

إنه إنسان لطالما آمن بأن الإسلام هو النظام العالمي الذي على البشرية كلها أن
تفيء إليه، أو أن  تسالمه. إنه إنسان يتمسك بالرسالة التي أرسلها *الخالق*، وإن
كره الناس واستهزؤوا. ذلك أن المصدر الذي يستقي منه أفكاره وتصوراته وأحاسيسه
ومشاعره، كلها مستمدة من القرآن العظيم، الذي هو كلام *الخالق*، فهو لا يأبه
بآراء الآخرين السخيفة التي لن تنفعه بعد *مليارات* و*مليارات* من السنين. وهو
يضحي في سبيل هذا بكل شيء، ويقاتل بكل ما يملك، حتى بمقلتيه، ويصنع من المدفأة
التي تكاد تدفع بعض برد الشتاء عن أطفاله، صاروخاً صغيراً في شكله وقدرته،
عظيماً في عزيمة اليد التي صنعته.

إن كان من شيء علينا فعله، فإنه *إعادة النظر* في حياتنا، وفي المناهج التي
تسيرنا وتتقاذف بنا في هذه الأرض. علينا أن نراجع الإطار الفكري الذي يوجه
تصرفاتنا وسلوكنا، ذلك الإطار الفكري الذي يتناسى وجود الخالق، ويعتبر تلك
القضية قضية هامشية لا أهمية لها على الإطلاق. انطلاقاً من هذه الفجوة الفكرية
التي نعاني منها، يجب أن *نعود إلى الإسلام*، وأن نفهمه بشكل *مستقل تماماً* عن
حياتنا المادية: أن ندرك أن *ابتعادنا* عنه هو المشكلة، وأن *رجوعنا* إليه هو
الحل، أن نفهمه كما فهمته الأجيال البشرية الأولى التي اعتنقت الإسلام، وأن
ننبذ كل رواسب الجاهلية التي لطالما ترسبت على أكتافنا وظهورنا، وأن نتحلى،
ونحن مقدمون على كل هذا، بأعلى درجات الشجاعة والإقدام، التي لطالما تمتعوا
بها، والتي يتمتع بها الإنسان الصامد في غزة الآن. فإن تمتعنا بها بحق، فإننا
سنقدم، إن شاء الله، على التغيير الحقيقي المطلوب منا ككائنات بشرية مخلوقة،
مهما كانت جنسياتنا ولغاتنا وأعراقنا، ومهما كانت الأزمنة التي نعيش فيها، فبضع
آلاف من السنين لا تغير من حقيقة الكون الدامغة، ولا تغير من نهج الله الذي
ارتضاه لعباده.

وإن من أدرك هذا المعنى، يدرك بسهولة أن التغيير الذي علينا أن ننهجه إنما هو
تغيير جذري يمتد إلى الأصل والجوهر والكُنْه: لأن التغيير باتجاه الإسلام، *رسالة
الإله الذي خلقنا*، يتطلب الخروج عن كل المألوف في عصرنا، ويتطلب نبش أوكارنا
الجاهلية، وتطهيرها، ولن تفيدنا الشعارات ولا الكلمات، وإنما الأفعال هي دائماً
وأبداً التي تنفع وتفيد، وهي التي تكوّن لنا الاعتبار الحقيقي عند الخالق.

وبعد أن نتمتع بالوعي الذي تمتع به ذلك الإنسان في غزة، فليفعل كل منا ما
استطاع فعله، سيعرف كل منا إجابته الخاصة عن السؤال الذي طرحته في البداية،
فكلٌّ يعمل على شاكلته، وكلٌّ حسب موقعه وظروفه وقوته. ولكننا في الوقت ذاته،
نشترك بشيئين لا بد منهما: أولهما العودة إلى خالقنا عودة صادقة حقيقية شجاعة،
وثانيهما نشر الوعي بحقيقة ما يجري، بكل ما أوتينا من قوة وعلم وحكمة ودراية.

 الأمر في يدك الآن أيها القارئ، طالما أنك إنسان، تملك عقلاً، تسيطر به على
تصرفاتك وأفعالك: فإما أن تكون مع الإسلام بالرجوع الصادق إليه، أو تكون مع
الجاهلية بالخنوع والسكوت والاستسلام والانقياد لها، ولا طرف ثالث يمكن أن تكون
معه سوى هذين الطرفين، وليس من الحكمة إضاعة الوقت، فالوقت هو الحياة، واسمع ما
يقوله ابن القيم رحمه الله: "وقت الإنسان هو عمره في الحقيقة، وهو مادّة حياته
الأبدية في النعيم المقيم، وهو يمر أسرع من السحاب، فما كان من وقته لله وبالله
فهو حياته وعمره، *وغير ذلك ليس محسوباً من حياته*".

دمشق الفيحاء

1430 هـ، 2008م
-------------- next part --------------
An HTML attachment was scrubbed...
URL: https://lists.ubuntu.com/archives/ubuntu-arabic/attachments/20081229/c5c8f00d/attachment.htm 


More information about the Ubuntu-arabic mailing list